حينما استعرض قيمة النقد المتداول عراقيا عبر الموازنات السنوية منذ٢٠٠٤ حتى اليوم ..يمكن ان اتوقف امام رقم كبير جدا يقاس بالترليونات من الدنانير ..ومقارنة ذلك بمعدلات البطالة والفقر تظهر الفاجعة ..في تلك الأرقام المفزعة التي جعلت المواطن العراقي يتظاهر طلبا لضمان الوظيفة الحكومية ما دامت السياسات العامة لا تدير ريع النفط الا بنظام محطة الوقود تبيع النفط فقط لتوزيع الرواتب والاجور شهريا!!
احد ابرز تجارب دول العالم الثالث التي حولت الهند وسنغافورة وراوندا ..ومن قبلهم كوريا الجنوبية ناهيك عن دول حلف وارشو السابقة بعد انضمامهم للاتحاد الأوروبي ..تخصيص محافظ بنكية للتنمية المجتمعية..ذكرت في قانون المصارف العراقية بعنوان ( المسؤولية الاجتماعية ) ..وهناك ما يزيد على مائة مصرفا حكوميا واهليا ..وما زال الحديث يتكرر يوميا عن الفشل في توليد فرص العمل في القطاع الخاص وهناك كتلة نقدية تتجاوز السبعين ترليون دينار عراقي متداولة ما بين الخزن غير المصرفي في اقبية المنازل وبين التهريب وتحوليها الى اسواق خارجية للعراقيين قصب السبق في تطويرها مثل قطاع التطوير العمراني في الاردن على سبيل المثال ناهيك عن تركيا ولبنان ..السؤال كيف تعاملت هذه المصارف حكومية كانت ام اهلية مع المسؤولية الاجتماعية في تمويل حاضنات الاعمال؟؟
من خلال تجربة شخصية ..وجدت ان اكثر من مصرف اهلي لا تمثل الا واجهة غسيل للمال السياسي الناتج عن مفاسد محاصصة المكونات الطائفية والقومية ..بل والانكى ان لهذه المصارف سبق الحصول على اموال من مزاد العملة في البنك المركزي.
مع ان اكثر من بنك يعنون باسم التنمية ..الا ان اي منها لا يتعامل مع تمويل حاضنات الاعمال من امواله الخاصة..بل يعتمد ايضا على المال العام عبر مبادرة البنك المركزي ..السؤال ما العمليات المصرفية التي يقوم بها مثل هذه المصارف الحكومية والاهلية في باب المسؤولية الاجتماعية ؟؟
الاجابة تاتي من الابواب الدوارة لمفاسد المحاصصة ..في مثال واقعي اذا تكونت اقسام متخصصة في هذه البنوك لتطوير حاضنات الاعمال وفق تخطيط زمني لإنجاز سلسلة من برامج المشاريع العمرانية ..اليس لها السبق في مشاركة شركات مثل هونداي الكورية لتكوين راسمال اجتماعي منتج بدلا من الاعتماد على نموذج تسليم المفتاح في العقود مع الشركات الدولية ؟؟
اليس الافضل للجان الاقتصادية في الاحزاب ان تخطط لكسب جمهورها من خلال مثل هذه البرامج لتوليد فرص العمل من خلال حاضنات الاعمال بأموال قياداتها الذي يدور في تجارة ربحية ..اين يذهب مال الخمس والزكاة ؟؟ وهذا حق في تدوير المال اجتماعيا بدلا من تكديسه في بنوك دول الجوار واستثماره في هذه الدول فيما يتظاهر العراقي بحثا عن وطن لم يجد فيه اي حزب يقدم له حقوق الحد الأدنى منل ذكره الذاكرون في دستور العراق.
الافضل ان تتصدى القوى السياسية من خلال برامج تطبيقية ..تقفز على الأنانية الفردانية الى النحن الجماعية ..ومثل هذه البرامج لبست مسؤولية الحكومة فقط ..بل عليها نظم السياسات العامة المالية والنقدية لكي ينهض اقتصاد القطاع الخاص من خلال حاضنات اعمال عائلية ثم تضامنية لتكون شركات صغيرة وتمنحها الدم المطلوب لاستكمال تفاعلات إنتاجية في السوق ..
وهي ايضا مسؤولية المجموعات الاقتصادية لرجال الاعمال ان تسهم في تمويل وتنشيط مثل هذه الحضانات مقابل اعفاءات من الضرائب ..لتوليد فرص العمل بقيم متقابلة ..الا يكفي كل هذا التذمر من قبل قطاع واسع من رجال الاعمال عن كساد انتاجي عند العراقي مقابل العمالة الأجنبية التي تغزو البلد ومواطنيه بلا عمل !!
وهي ايضا مسؤولية الاتحادات والنقابات ان تخرج من شرنقة التقليدية نحو اسفار خلق فرص العمل لخريجي الجامعات الذين يضافون سنويا للبطالة او يندمجون مع البطالة المقنعة لدولة بلا إنتاجية حقيقية .
كما هي مسؤولية وسائل الاعلام والمجتمع المدني في التواصل مع الشرائح الأضعف اجتماعيا لتوليد فرص العمل ..كلكم راع والكل مسؤول عن رعيته ..هذا قول ماثور لنبي الامة الامي الذي ساله ربه اقرا فقرا ليكمل مكارم الأخلاق ..ولله في خلقه شؤون!!!