شهدت نهائيات كأس أوروبا لكرة القدم التي تنطلق نسختها الـ17 في 14 يونيو/حزيران، لحظات مميزة مثل القرعة التي شهدتها نسخة 1968 لتحديد هوية المتأهل إلى النهائي.
كما شهدت ثلاثية الفرنسي ميشال بلاتيني عام 1984، والهدف الرائع بتوقيع الهولندي ماركو فان باستن في نهائي 1988، ودموع الإيطاليين في نسخة 2000، وصولاً إلى المفاجأة الكبرى التي حققتها الدانمارك واليونان في نسختي 1992 و2004.
القرعة تحدد هوية المتأهل إلى النهائي عام 1968
كانت حقبة أخرى وبطولة ترعاها قواعد مختلفة، ففي 1968 وخلال مباراة الدور نصف النهائي التي أقيمت في مدينة نابولي الجنوبية، لم يتمكن أي من المنتخبين الإيطالي المضيف ومنافسه السوفياتي من الوصول إلى الشباك خلال الدقائق الـ90 ثم في الشوطين الإضافيين (0-0).
لم تكن ركلات الترجيح تدخل في قواعد البطولة حينها، وبالتالي، لجأ الفريقان إلى القرعة التي حدّدت هوية المتأهل إلى المباراة النهائية، من خلال قطعة نقدية معدنية تولى الحكم رميها في الهواء. اختار قائد إيطاليا جاشينتو فاكيتي الذي توفي عام 2006، جهة الوجه من القطعة النقدية وأصاب في خياره.
في تلك الحقبة لم تكن هناك هواتف محمولة أو أي من وسائل الاتصال الحديثة ولم تعرف هوية المتأهل إلى النهائي الا عندما خرج فاكيتي من نفق غرف الملابس جاريا نحو أرضية الملعب للاحتفال مع زملائه، حينها أدرك الجمهور الإيطالي أن منتخبهم سيلعب في المباراة النهائية التي كانت لها قصة أخرى أيضا لأنها تكوّنت من مباراتين.
القانون حينها أجبر طرفي النهائي على خوض مباراة معادة في حال التعادل، وهذا ما حصل بين إيطاليا ويوغوسلافيا (1-1 بعد التمديد). وبعد يومين أقيمت المباراة المعادة وخرجت إيطاليا فائزة 2-1 لتتوّج بلقبها القاري الأوّل.
ثلاثيتان رائعتان لبلاتيني عام 1984
هدف بالقدم اليمني، آخر باليسرى وثالث بالرأس: بهذه الطريقة سجّل الفرنسي ميشال بلاتيني ثلاثيته الرائعة خلال مباراة فرنسا مع يوغوسلافيا (3-2) في دور المجموعات من نسخة 1984 التي أنهاها “بلاتوش” كأفضل هداف برصيد 9 أهداف، وهو رقم لم يتمكن أحد من الوصول إليه في نسخة واحدة.
ولم تكن الثلاثية أمام يوغوسلافيا الأولى لبلاتيني، إذ حقق الأمر ذاته في المباراة السابقة لبلاده في تلك النهائيات أمام بلجيكا (5-صفر)، ليصبح أوّل لاعب يسجل ثلاثيتين في نهائيات كأس أوروبا.
كما سيبقى الفرنسي صاحب رقم 10 في أذهان حارس إسبانيا لويس أركونادا الذي شعر بإحراج كبير خلال المباراة النهائية بعد أن مرّت الكرة بين يديه وتهادت داخل الشباك بعد ركلة حرة من بلاتيني الذي توّج باللقب الأوروبي بعد فوز بلاده 2-صفر.
فان باستن وهدف من الأحلام في 1988
هدف من الأحلام، سُجّل بفنية عالية وفي مباراة حدَّدت في نهايتها هوية بطل نسخة 1988. كان فان باستن بعيدا عن تركيز الكاميرا كون التغطية لم تكن بالجودة التي وصلت إليها اليوم.
كان موجودا على الجهة اليمنى لمنطقة المنتخب السوفياتي عندما وصلته الكرة العرضية المتقنة لأرنولد موهرن، فتلقفها مباشرة وسدّدها بيمناه “طائرة” من زاوية ضيقة وصعبة جدا لـ”تنفجر” في شباك الحارس العملاق رينات داساييف.
أصبحت الطريقة التي سُجّل بها هذا الهدف الرائع ماركة مسجلة باسم فان باستن، ولطالما قورنت الأهداف المماثلة بذلك الذي سجل في ليلة 25 يوليو/تموز 1988 على الملعب الأولمبي في ميونخ (2-صفر لهولندا).
الفرنسيون يقلبون الطاولة على جيرانهم الإيطاليين عام 2000
كانت إيطاليا تستعدّ للاحتفال بلقبها الثاني في البطولة القارية بعد 1968 بفضل الهدف الذي سجّله ماركو ديلفيكيو، لكن سيلفان ويلتورد فاجأهم بهدف التعادل في الوقت القاتل من الوقت الأصلي وجرّهم إلى تمديد كان بطله ابن الدوري الإيطالي لاحقا دافيد تريزيغيه.
سجّل تريزيغيه الهدف الذهبي الذي اعتمد للمرة الأخيرة في البطولة القارية، ومنح الفرنسيين لقبهم الكبير الثاني تواليا بعد أن توّجوا أبطالا للعالم عام 1998 على أرضهم.
بكى الإيطاليون كثيرا وتحسّروا على خسارتهم اللقب الذي كان قريبا جدا منهم وأصبحوا محط نكتة تنقلت حول أرجاء العالم “هل تعرفون كيف تضعون الغطاء مجددا على زجاجة شمبانيا قد فُتحت للتو؟ اسألوا الإيطاليين!
لكن رجال “الآتزوري” نجحوا في تحقيق ثأرهم عام 2006 عندما انتزعوا من “الديوك” لقبا أغلى بكثير، بعد أن تغلّبوا عليهم في نهائي مونديال ألمانيا بركلات الترجيح.
مآسي فراي في 2004 و2008
هناك لحظات أخرى في تاريخ نهائيات كأس أوروبا بعضها ظريف وبعضها محزن مثل حال ألكسندر فراي، أحد أفضل المهاجمين في تاريخ سويسرا، لأن هذا اللاعب اختبر المآسي مع كأس أوروبا.
ففي 2004 وخلال النهائيات التي أقيمت في البرتغال، ارتكب فراي حماقة عندما بصق على لاعب وسط إنجلترا ستيفن جيرارد، فقرّر الاتحاد الأوروبي إيقافه ما حرمه من مواصلة المشوار مع منتخبه، ثم لاحقه سوء الطالع في نسخة 2008 التي استضافتها بلاده مشاركة مع النمسا، إذ تعرّض للإصابة في المباراة الافتتاحية وغاب عن ما تبقى من مشوار بلاده.
مفاجأة الدانمارك واليونان في 1992 و2004
كان الدانماركيون يحضّرون أنفسهم لمتابعة كأس أوروبا التي استضافتها السويد عام 1992 أمام شاشات التلفزة، بعد فشل منتخبهم في التأهل إلى النهائيات، لكن الحظ أسعفهم عندما طُلب منهم المشاركة نتيجة حرب يوغوسلافيا التي تسبّبت باستبعاد منتخب الأخيرة.
كانت تلك بداية القصة بالنسبة للحارس العملاق بيتر شمايكل ورفاقه في المنتخب، إذ تمكّنوا من بلوغ نصف النهائي عن المجموعة الأولى إلى جانب السويد المضيفة وعلى حساب العملاقين الفرنسي والإنجليزي.
ثم كانت المفاجأة ببلوغهم المباراة النهائية على حساب حامل اللقب، المنتخب الهولندي، وذلك عبر ركلات الترجيح (تعادلا 2-2 في الوقتين الأصلي والإضافي) بعد تعملق شمايكل وصدّه ركلة بطل 1988 ماركو فان باستن.
واكتملت المفاجأة الدانماركية في النهائي لأن منتخب الأحمر والأبيض تمكن من التفوق على بطل آخر هو المنتخب الألماني المتوّج قبل عامين بلقب مونديال إيطاليا 1990، وذلك بفوزه على الـ”مانشافت” 2-صفر.
صحيح أن الدانماركيين فاجؤوا الجميع عام 1992، لكن منتخبهم كان يضمّ على أقله لاعبين من طراز شمايكل وبراين لاودروب، في حين أن بطل نسخة 2004، أي المنتخب اليوناني، لم يكن يضمّ في صفوفه أي نجم كبير وكان أنغيلوس خاريستياس ويورغوس كاراغونيس أبرز لاعبيه.
لكن هذا الأمر لم يمنع فريقا يدربه الألماني الفذّ أوتو ريهاغل من مفاجأة الجميع والتأهل بفضل أسلوبه الدفاعي إلى الدور ربع النهائي إلى جانب البرتغال المضيفة وعلى حساب إسبانيا وروسيا، ثم تخطي فرنسا بهدف لخاريستياس قبل مواجهة التشيك في دور الأربعة والفوز عليها بهدف وحيد أيضا بعد التمديد.
واعتقد الجميع أن إنجاز اليونان سيتوقف عند النهائي لأنها ستواجه البرتغال المضيفة في المباراة النهائية، إلا أن ريهاغل عرف كيف يتعامل بواقعية مع المدّ الهجومي البرتغالي على أمل جرّ المضيف إلى التمديد وركلات الترجيح، غير أن خاريستياس أهداه ما لم يكن بالحسبان بهزّه الشباك البرتغالية في الدقيقة 57 وكان ذلك كافيا لمنح بلاده لقبها الأول والأخير.