admin
تأتي المصادفات أو الحوادث السيئة أحيانا بنتائج مفاجئة ومبدعة، مثلما حدث مع بائع الكتب الإنجليزي إدوارد مويبريدج عام 1860.
بدأت الحكاية عندما تعرض رأس مويبريدج للاصطدام في حادث قطار، وقد أثرت الإصابة بقوة في دماغه وفقد حاسة التذوق مؤقتا، لكنها في الوقت نفسه أطلقت موجة من الإبداع وكانت سببا غير مباشر في اختراع الصور المتحركة التي تعرف بـ”جي آي إف” (GIF).
وبناء على توصية طبيبه، انغمس مويبريدج في هواية التصوير، وأصبح مصوّرا غزير الإنتاج، حتى تخلّى عن عمله الأصلي في بيع الكتب، وأصبح مصورا محترفا يعمل بدوام كامل.
في أواخر الستينيات من القرن الـ19 سافر إلى الولايات المتحدة الأميركية وصوّر عجائب الغرب الأميركي.
وفي أوائل سبعينيات القرن الـ19 جذبت موهبته انتباه ليلاند ستانفورد حاكم كاليفورنيا، الذي كان يخوض رهانا بقيمة 25 ألف دولار لإثبات أنه بينما يهرول الحصان، هناك لحظة تكون فيها حوافره الأربعة بعيدة عن الأرض، ولم يكن فضول ستانفورد متعلقا بأسباب علمية، لكنه أراد البحث عن طريقة تزيد من سرعة خيول السباق.
ووظف مويبريدج لمعرفة الإجابة عن ذلك السؤال، فقضى السنوات الست التالية يلتقط صورا مختلفة بتقنيات تصوير متعددة.
وأثناء عمله في المشروع، قُبض على مويبريدج وحوكم في جريمة قتل هاري لاركينز الناقد بصحيفة “سان فرانسيسكو بوست”، لكن هيئة المحلفين برّأته في النهاية، ووجدت أن القتل كان مبررا بسبب علاقة لاركينز غير الشرعية بزوجة مويبريدج؛ ليطلق سراحه ويستأنف مشروعه مجددا.
في ذلك الوقت كان متوسط وقت لقطة الكاميرا ثانيتين، فكان من المستحيل التقاط حركة أرجل الحصان الراكض في جزء من الثانية. حاول مويبريدج حل المشكلة عن طريق مصاريع خشبية ميكانيكية، وغالق كاميرا ينغلق في جزء من الألف في الثانية؛ ومع ذلك كانت الصور الأولى ضبابية جدا.
أصبح التصوير الفوتوغرافي المتحرك جزءا من الحياة العامة في منتصف القرن الـ19، بخاصة في زمن الحرب الأهلية الأميركية عندما وثق المصورون ساحات القتال أول مرة بتجربة بسيطة أتاحت مشاهدة سلسلة من الصور في تتابع سريع يخلق وهم الحركة عن طريق جهاز بسيط يسمى “زويتروب”.
الحصان المتحرك (1878)
صنع مويبريدج أول صورة متحركة عام 1878 باستخدام مجموعة كاميرات، وبتجميع الصور الفردية في صورة متحركة واحدة باستخدام بعض الكاميرات التي أعدّت للانطلاق في لحظة معينة، وأظهر الفيلم أن حوافر الحصان الأربعة كانت كلها على الأرض في الوقت نفسه حين كان الحصان يركض. وبسبب تلك التجربة، ولدت الصورة المتحركة لأول مرة.
وأبهرت النتائج التي توصل إليها جهاز العرض البدائي لموبيريدج كثيرين، وبدعم ليلاند ستانفورد ابتكر جهاز عرض متسلسل، وباستخدام هذا الجهاز عرض صوره على جمهور سان فرانسيسكو عام 1880.
12 صورة في الثانية
في غضون ذلك، كان عالم الفسيولوجيا إتيان غول في باريس يقوم بعمل مشابه حيث دفعته دراسته للحيوانات المتحركة إلى تجربة التصوير الفوتوغرافي، وصمّم كاميرا يمكنها التقاط 12 صورة في الثانية لأي جسم متحرك، وأطلق على تلك التقنية اسم “كرونوفوتوغرافي”، فعملت تلك التقنية جنبا إلى جنب مع مفاهيم مويبريدج في التصوير المتحرك لإنتاج الصور المتحركة بجودة أفضل.
مرافقة بصرية للفونوغراف
في ذلك الوقت، كان توماس إديسون قد اخترع الفونوغراف، وسرعان ما أصبح أشهر أجهزة الترفيه المنزلي. وسعيا لتوفير متعة بصرية مرافقة للفونوغراف، كلف توماس إديسون المهندس الشاب وليام كينيدي ديكسون بتصنيع كاميرا تنتج صورا متحركة. واعتمادا على تقنية مويبريدج، ابتكر ديكسون جهازا يعرض الصور المتقطعة بطريقة منتظمة وبفارق زمني ثابت؛ لتشبه في النهاية فيلما قصيرا جدا بمعدل 40 صورة في الثانية.
مشهد في حديقة راوند هاي (1888)
يعدّ فيلم “مشهد في حديقة راوند هاي” أول فيلم سينمائي في العالم يظهر حركة فعلية متتالية، وهو فيلم قصير جدا من إخراج المخترع الفرنسي لويس لو برنس، وتبلغ مدته 2.11 ثانية، ويعدّ أقدم فيلم ما زال قابلا للعرض حسب ما جاء في موسوعة غينيس للأرقام القياسية.
وصول القطار (1895)
يظهر في هذا الفيلم الصامت الذي تبلغ مدته 50 ثانية دخول قطار تجره عربة بخارية إلى محطة القطارات في بلدة لاسيوتات الساحلية الفرنسية.
يتكون الفيلم من لقطة واحدة مستمرة، وتحكي الحكايات القديمة أن الجمهور عند العرض الأول للفيلم كان خائفا من صورة القطار المتحركة لأنه كان بالحجم الطبيعي، وشعر المشاهدون أنه يتجه نحوهم بالفعل، ويقال إنهم صرخوا وركضوا بعيدا عن الشاشة.
