في مثل هذا اليوم منذ 59 عاماً رحل عن عالمنا سفير الأغنية العراقية الفنان الكبير ناظم الغزالي الذي سطع نجمه عربياً واستطاع الوصول لدرجات عالية من الشهرة وحصد محبة الجماهير العربية كافة، وما زالت هذه الشهرة ممتدة حتى يومنا هذا.
وتنحصر حلاوة الأماكن في صوته بين النصف الأول والثاني من الأوكتافين. بهذا الشكل تكون مساحة صوته تزيد على 14 درجة في السلم الموسيقي. ومع انفتاح حنجرته، كانت قدرته غير عادية على إجادة الموال وتوصيل النوتات بوضوح، بجوابه المتين وقراره الجيد في مختلف ألوان المقامات وأنواعها، وساعده في ذلك معرفته وتعمقه في المقامات العراقية وأصولها، فضلا عن انفتاح حنجرته وصفائها.
ولد الفنان ناظم الغزالي في بغداد عام 1921، وكان يتيم الأب ووالدته ضريرة، فعاش في أسرة فقيرة، واستطاع أن يتابع دراسته المتوسطة في مدرسة المأمونية في بغداد. وبعد وفاة والدته تردد طويلاً حتى التحق بمعهد الفنون الجميلة قسم المسرح، ليحتضنه فنان العراق الكبير حقي الشبلي، حين رأى فيه ممثلاً واعداً يمتلك القدرة على أن يكون نجماً مسرحياً، لكن الظروف المادية القاسية نجحت في إبعاده عن المعهد، واضطرَّ لتركه والتوجُّه إلى العمل في معمل للطحين.
عاد ناظم الغزالي إلى معهد الفنون الجميلة لإكمال دراسته، ليأخذ حقي الشبلي بيده ثانية ويضمه إلى فرقة “الزبانية” ويشركه في مسرحية “مجنون ليلى” لأمير الشعراء أحمد شوقي عام 1942، ولُحِّن له فيها أول أغنية شدا بها صوته وسمعها جمهور عريض، أغنية “هلا هلا” التي دخل بها إلى الإذاعة، وحوّل على إثرها ناظم اتجاهه، تاركاً التمثيل المسرحي ليتفرغ للغناء. وفي عام 1948 انضمَّ إلى فرقة الموشحات إلى جانب العديد من المغنيين والمغنيات، واشتهر بإجادته للمواويل وبصوته القوي وصفاء حنجرته.
وفي الخمسينيات وبجهد شخصي بحت، انطلق برحلاته إلى الوطن العربي، فبدأ صوته ينتشر كثيرا. كما ظهر في السينما بفيلم “يا سلام على الحب” مع المطربة اللبنانية نجاح سلام.
تزوَّج ناظم الغزالي في عام 1958 من المطربة العراقية سليمة مراد، وذلك رغم فارق العمر بينهما، وقاما معًا بإحياء حفل غنائي بعد زواجهما من خلال دعوة تنقَّلا فيها في العديد من العواصم وقتها مثل باريس ولندن وبيروت وغيرها.
ويضم تراث ناظم الغزالي كثيرا من الأغاني الشهيرة، من بينها “طالعة من بيت أبوها” و”أحبك” و”ماريده الغلوبي” و”فوق النخل” و”يا أم العيون السود” و”مروا على الحلوين” و”بالحاجب ادعي بخير” و”عيرتني بالشيب” و”وقل للمليحة في الخمار الأسود” و”سمراء من قوم عيسى” و”أي شيء في العيد” و”أقول وقد ناحت بقربي حمامة” وغيرها الكثير.