admin
في الوقت الذي بلغت فيه التغييرات المناخية درجة من الخطورة تهدد بانقراض الجنس البشري نفسه، وبعدما تحدث رئيس الوزراء البريطاني الأسبق بوريس جونسون العام الماضي عن أن مدينة الإسكندرية المصرية هي إحدى المدن المهددة بالغرق في أعوام معدودة، لا تزال قضايا المناخ وخطورتها لا تلقى الاستجابة التي تستحقها، رغم المساعي الرسمية الدولية.
الأمر الذي دفع ناشطي البيئة والمناخ للتعبير عن رفضهم للسياسات الدولية بطرق شتى. ففي واقعة ليست الأولى من نوعها، ألقى اثنان من النشطاء، وهما هيرمان وبنيامين، كمية من البطاطس المهروسة على لوحة “أكوام الحبوب” (Grain stacks) للرسام العالمي كلود مونيه. يأتي هذا بعدما ألقى آخرون بصلصة على لوحة “دوار الشمس” (Sun Flowers) للرسام الانطباعي فنسنت فان غوخ في واقعة سابقة.
الجيل الأخير
ينتمي الناشطان اللذان أقدما على ذاك الأمر إلى حركة “الجيل الأخير” (Letzte Generation) الألمانية التي تأسست في أغسطس/آب 2021، حيث أقام 7 شبان معسكرًا في الحي الحكومي في برلين، ثم أضربوا يوم 30 أغسطس/آب 2021 عن الطعام إلى أجل غير مسمى.
كان مطلبهم قبل الانتخابات الفدرالية في ألمانيا هو إجراء مناقشة عامة حول حالة الطوارئ المناخية مع جميع المرشحين الثلاثة لمنصب المستشار أنالينا بيربوك وروبرت هابيك وأولاف شولز، والوقوف على قرارات فورية في مواجهة كارثة التغييرات المناخية.
🖼Kartoffelbrei & #Klimakrise – Wie kriegen wir das noch hin?🖼
Wie fühlt es sich an, ein Gemälde zu bewerfen? Und warum ist das nötig?
Darüber erzählen in diesem Online-Event Mirjam & Benni, die den #Kartoffelbrei geworfen haben.
Mi, 02.11. um 19 Uhr:https://t.co/8t0p4ACmuK pic.twitter.com/wsjOUs4knH
— Letzte Generation (@AufstandLastGen) October 30, 2022
لوحات الطبيعة هدف
ويبرر الناشطون فعلهم بأن التقدير الكبير للوحات الطبيعة على وجه التحديد، والتي توصف بأنها عالمية ويبلغ سعرها أحيانًا عشرات ملايين الدولارات، ومهما بلغت من الجمال والروعة، لا يمكن أن تكون أثمن ولا أقيم من الطبيعة الحقيقية التي تستحق فعلا العناية الشديدة التي تلقاها تلك اللوحات. ولو أن ملايين الدولارات التي تنفق على تلك اللوحات خصصت للبيئة ورعايتها، لكانت الأمور أقل سوءًا.
ويرى الناشطون أن ألمانيا نفسها إلى جوار الدول الصناعية الكبرى مثل الصين والولايات المتحدة، والتي تسببت في رفع درجة حرارة الأرض، قد لعبت جميعا دورًا حيويا في هذه الكارثة التي باتت خطرًا محدقا يهدد الجنس البشري بأسره، إن لم يكن الكائنات الحية كافة.
كذلك ينادي الناشطون بتوفير سُبل لحماية الفقراء الذين سيدفعون فاتورة التغييرات المناخية أكثر من غيرهم، رغم أنهم كانوا أقل ضررًا بالبيئة إلى حد كبير حيث بلغ نصيب الفرد من انبعاثات الغاز الدفيئة في الولايات المتحدة مثلا أكبر بست عشرة مرة منه في الهند، وأكبر بستين مرة منه في بنغلاديش، وأكبر منه بمئتي مرة منه في تشاد وإثيوبيا ومالي.
ومع ذلك، من غير المرجح أن يتخلى أثرياء العالم المتحكمون في مجال الصناعات الكبرى عن جزء من المكاسب الضخمة التي يحصدونها عبر تعطيل مصانعهم ولو لمدد قصيرة بالتناوب لتخفيض درجة حرارة الكوكب.
الفقراء في المقابل هم الأكثر معاناة وعرضة للمخاطر أمام الأمطار الشديدة والفيضانات والجفاف وحتى حرائق الغابات، لأنهم وبسبب نقص المال سيكونون أقل قدرة على التكيّف مع ما يفرضه المناخ الجديد من احتياجات (مثل المأوى والكساء أو النزوح نحو مكان آمن).
يذكر أن الإعصار كاترينا، الذي كان واحدا من أعنف الأعاصير التي ضربت الولايات المتحدة، كان أكثر وفياته من الفقراء قاطني الأعشاش والأكواخ والمناطق المنخفضة والذين لم يمتلكوا حتى سيارة للهرب إلى منطقة آمنة.
أما فيما يتعلق بالطبقة شديدة الثراء من أصحاب المصانع، فرغم أنهم هم السبب الأول في التغييرات المناخية، فإنهم سيكونون الأكثر قدرة على مواجهة الطقس المتطرف لسهولة حصولهم على المأوى الآمن في حالات السيول والفيضانات، أو على الغرف المُكيفة في حالات الاحترار الشديد.
لذلك، يَعتبر النشطاء أن سياسات النيوليبرالية هي السبب في الكثير من الكوارث المناخية المحدقة بالجنس البشري، وأن الدول الراعية لتلك السياسات بالإضافة لأصحاب النفوذ ورؤوس الأموال لا يكترثون لأي شيء سوى مصلحة الأثرياء مهما تضررت الطبيعة والبيئة والبشر أنفسهم جراء تلك السياسة.
وبالطبع تعرف السلطات الألمانية، التي ألقت القبض على الناشطين، مَن المتسبب حقًا في تلك الأزمة. وتعرف السبيل الوحيد لخفض حرارة الكوكب. وتعرف أيضًا من سيدفع فاتورة تلك التغييرات.
