عبر متابعتي للمحاضرات (مارتن جاكزي)، صاحب كتا (when the china rule the world), لاحظت دعواته المتكررة لمراجعة النظام السياسي في الغرب، ودعوته الي فهم الصين.
فمع ان الرجل انكليزي، إلا أن طروحاته تؤكد على ما طرحه ماركس من أن الاقتصاد هو المحرك الأول للتاريخ.
وان كل البناء الفوقي من ثقافة وسياسة وآمن ومعتقدات مبنى على الأساس الاقتصادي، فالرجل يعتقد أن مبادرة الحزام والطريق سوف تجعل الصين تسيطر على العالم اقتصاديا، ثم عسكريا وامنيا(خصوصا انها تنوي الاستثمار في الطائرات والتكنلوجيا) وثقافيا.
ومع ان هناك من علماء الجيبولتك من يذهب لهذا الرأي ولكن بدليل اخر، حيث يطرحون رايين بهذا الخصوص.
الاول: يذهب إلى أن من يسيطر على اسيا يحكم العالم
والثاني: ان من يسيطر على البحار بين اسيا وأوروبا يحكم العالم.
وان مبادرة الحزام والطريق تحقق كلا الأمرين.
وربط بين الاقتصاد والسياسة عبر عمل مقارنة بسيطة، تضمنت ما ياتي:
إن الاقتصاد الصيني كان يشكل ٢٠٪ من الاقتصاد الأمريكي عام ١٩٧٨، وقد أصبح اكبر من الاقتصاد الأمريكي عام٢٠١٩.
وان معدل نمو الاقتصاد البريطاني ١،٥٪ منذ الحرب العالمية الثانية عام ١٩٤٥،ومعدل نمو الاقتصاد الأمريكي ٣،٥منذ عام ١٩٧٨، بينما معدل نمو الاقتصاد الصيني ١٠٪ لنفس الفترة.
ثم طرح سؤالا.. عندما قامت الثورة الصناعية في أوربا، كم بلدا اوربيا كانت تحكمه الديمقراطية؟
واجاب ولا بلد.، فبريطانيا كانت تمنع تصويت النساء حتى عام ١٨٥٠، والولايات المتحدة تمنع تصويت السود حتى عام ١٩٦٠.
وهنا نصل الى الاستنتاج المهم… هل ان النظام المركزي في الصين افضل من النظم الديمقراطية في أوربا والغرب؟
وهل هي عودة لبعث أراء ماركس؟ خصوصا ما يتعلق بالأساس الاقتصادي لكل البناء الفوقي… الاجتماعي والسياسي وآلثقافي؟
وهل سنسمع دعوات تطالب بالغاء الانظمة الديمقراطية في الغرب قريبا؟
هذا ما سيكشفه المستقبل.. وياتيك بالاخبار من لم تزود..
بروز الصين كاقتصاد اول للعالم ، جاء بشكل هادىء وناعم مثل دبيب النمل، ففي حين كان الاقتصاد الصيني يشكل ٢٠٪ من الاقتصاد الامريكي ، فقد تجاوز الاقتصاد الامريكي فعلا عام ٢٠١٥، ولم تنتبه الولايات المتحدة لهذا الصعود الا في الازمة المالية التي ضربت العالم الغربي عام ٢٠٠٨، ومن حينها والولايات المتحدة تحاول منع او عرقلة تقدم الصين لريادة العالم اقتصاديا، وبدأت بشن حروب متدرجة ضد الصين ، بدءا من الحرب التجارية ثم الحرب التكنولوجية ثم الحرب الوبائية على رأي، والان حرب باردة ومناورات وتواجد عسكري كثيف في بحر الصين الجنوبي ،وهجومات كلامية، والسبب في غفلة الولايات المتحدة عن صعود الصين يتمثل بعاملين:
١- اعتقاد الولايات المتحدة بان تقدم الصين يعني اغتراب الصين اي تحولها لنموذج غربي شبيه بالولايات المتحدة.
٢- عقيدة الامريكان بانهم امة متفوقة وغير قابلةً للمنافسة، مع الفارق الكبير الذي كان موجودا بين حجم الاقتصاد الامريكي والاقتصاد الصيني.
ذلك ما جعل الولايات المتحدة تغفل عن النمو الاقتصادي الكبير للصين، والذي حولها الى اكبر دولة مصدرة وثاني اكبر دولة مستوردة ، والخبراء يتوقعون ان حجم الاقتصاد الصيني للاقتصاد العالمي عام ٢٠٥٠يصل الى ٣٤٪، والهند ثانيا بحجم ١٩٪ من الاقتصاد العالمي،والولايات المتحدة ثالثا بحجم ١٤٪، هذا ما يجعل ترامب والغرب يقود حملة شعواء من التصريحات والاتهامات ضد الصين، ويحشر قواته البحرية مع حلفائه بريطانيا واليابان واستراليا في بحر الصين الجنوبي ويقود حربا باردة ضد الصين، ولكن هذه الحرب تختلف تماما عن الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي السابق، لثلاث اسباب :
١- ان الولايات المتحدة كانت تدير اقتصاد معزول تماما عن الاقتصاد الذي يقوده الاتحاد السوفيتي ،المعسكر الرساميل والمعسكر الاشتراكي.وهذا يختلف مع الصين المندمجة في علاقات اقتصادية مع كل دول العالم ومن الصعب محاصرتها.
٢- ان حجم الاقتصاد للاتحاد السوفيتي كان قليلا بالنسبة للاقتصاد الامريكي، ٦٠٪ تقريبا من الاقتصاد الامريكي، بينما اقتصاد الصين تجاوز بحجمه الاقتصاد الامريكي عام ٢٠١٥.
٣- ان الصين لم تتورط بسباق تسلح مع الولايات المتحدة كما فعل الاتحاد السوفيتي ،والذي سبب هدر الكثير من الموارد وادى لانهيار الاقتصاد السوفيتي لاحقا.
والان بعد جائحة كورونا الناتج المحلي الاجمالي الصيني GPD ينمو بمعدل ١٪سنويا ، بينما الناتج المحلي الاجمالي للولايات المتحدة سجل معدل انخفاض بنسبة -٨٪وباقي الدول الاوربية والغربية كلها بالسالب وبمعدلات اعلى من الولايات المتحدة …
وعليه هناك اعتقاد انه في غضون عقدين او ثلاثة فأن العالم الغربي سيغادر الجغرافيا ويصبح في التاريخ لتكمل الصين قفزتها لقيادةًالعالم (وتلك الايام نداولها بين الناس)
صدق الله العلي العظيم