هل كل من يحمل شهادة دراسية هو مثقف؟ وهل يضمن التعلم ثقافة الإنسان؟ وما الفرق بين الإنسان المتعلم والإنسان المثقف؟
بداية علينا أن ندرك أن الثقافة ليست لقبا أو صفة يمكن إطلاقها على الإنسان بل هي سلوك يصدر عنه ويحكم الآخرين على ذلك السلوك. والجامعات تخرج الكثير من المتعلمين من أصحاب الشهادات لكن لا يمكن أن نطلق عليهم مثقفين إلا على البعض منهم.. فالتعلم يمنح الإنسان سعة إطلاع ومعرفة متنوعة في مجال اختصاصه.. ويحصر جهده العقلي والعلمي بهذا التخصص فقط.. بينما الإنسان المثقف هو من يكون له نتاج فكري، وصاحب رأي، ويمتلك قدرا من الوعي والسلوك الحضاري في تعامله مع مشاكله ومع الآخرين بحكمة وبدرجة عالية من الذكاء وسرعة البديهة، ولديه قدرة على التفاعل والتفكير الإيجابي مع مجتمعه، ومطلع على ثقافات متعددة..ولا اقصد من هذا الكلام التقسيم أو الإساءة أو إظهار الخريجين على أنهم فئة غير مثقفة أو غير منتجة بل لتوضيح أهم أسباب عدم ثقافة الخريجين وهو عدم اهتمامهم بتثقيف أنفسهم أو عدم القيام بأنشطة مختلفة أو حتى عدم التواصل مع أفراد آخرين من بيئات مختلفة..فالشهادة للبعض لم تكن سوى تحول تطبيقي للمراحل الدراسية، أي أنها نقلة في الفكر والعقل والوعي والنضج العلمي.. وهذا يعني أن كل مثقف متعلم ولكن ليس كل متعلم مثقف.. فالثقافة ليست مجرد كسب معارف ومعلومات بل ان الثقافة هي المعرفة المؤثرة في السلوك، فعندما نرى إنسان يحمل معارف ومعلومات قام باستغلالها لتغيير حياته للأفضل ومعالجة الانحرافات التي لديه حينها نقول عنه أنه إنسان مثقف على العكس من الإنسان الذي لديه معارف ومعلومات وان كثرت لكنها لم تؤثر في سلوكه ولم تغير حياته وسلبياته للأفضل حينها نقول عنه أنه إنسان متعلم.. لهذا لا تنخدع بالذي يقرأ ويتعلم كثيراً، ولكن انظر لانجازاته وأفعاله على أرض الواقع، وأنظر إلى الطريقة التي يعيش بها، والطريقة التي يتفاعل بها مع الأحداث التي تواجهه في الحياة، وانظر إلى طريقة تصرفه وطريقة كلامه وسلوكه وأخلاقه مع الآخرين أن كانت سيئة أم جيدة هذا هو الفرق بين الإنسان المثقف والإنسان المتعلم.