اتهمت جنوب إفريقيا، أمس الخميس، إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي بتصعيد «الإبادة» التي ترتكبها في غزة، داعية المحكمة إلى إصدار أمر بوقف الهجوم الإسرائيلي على مدينة رفح، وطالبت المحكمة، بأن تأمر إسرائيل بالانسحاب الفوري والكامل من قطاع غزة، في وقت أعلنت مصر، أنها رفضت مقترحاً إسرائيلياً بشأن الإدارة المشتركة لمعبر رفح، في حين أكدت الخارجية الأمريكية، أن الوضع الإنساني في غزة يواصل التدهور، ودعت إسرائيل إلى بذل المزيد من الجهد بشكل عاجل لإتاحة دخول مستمر للمساعدات إلى جنوب وشمال القطاع.
وقال أكبر المحامين الممثلين لجنوب إفريقيا فوسيموزي مادونسيلا: «كانت جنوب إفريقيا تأمل، عندما مثلنا آخر مرة أمام هذه المحكمة، بوقف عملية الإبادة هذه حفاظاً على فلسطين وشعبها»، مضيفاً، «لكن بدلاً من ذلك، استمرت الإبادة الإسرائيلية على نحو متسارع ووصلت للتو إلى مرحلة جديدة ومروعة». واستمعت المحكمة في قصر السلام، مقر أعلى هيئة قضائية تابعة للأمم المتحدة، إلى محامين يمثلون بريتوريا تحدثوا عن مقابر جماعية وتعذيب وعرقلة متعمّدة للمساعدات في قطاع غزة، وستعرض إسرائيل اليوم الجمعة، ردّها.
وقال المحامي عن جنوب إفريقيا فوغان لوي للمحكمة: «هذه هي الخطوة الأخيرة في تدمير غزة وشعبها الفلسطيني»، في إشارة إلى الهجوم البري الذي بدأ قبل زهاء عشرة أيام. وأضاف، «رفح هي التي أتت بجنوب إفريقيا إلى المحكمة»، مضيفاً، «لكن الفلسطينيين كمجموعة قومية وإثنية وعرقية هم الذين يحتاجون إلى الحماية من الإبادة الجماعية، وهي حماية يمكن للمحكمة أن تأمر بها». وتطالب جنوب إفريقيا محكمة العدل الدولية بإصدار ثلاثة أوامر طوارئ أو «تدابير مؤقتة»، بينما تتابع المحكمة النظر في الاتهام الأوسع لإسرائيل بانتهاك اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية. أولاً، تريد جنوب إفريقيا من المحكمة أن تأمر إسرائيل «بالانسحاب الفوري ووقف هجومها العسكري» في رفح. ثانياً، يتعيّن على إسرائيل أن تتّخذ «جميع الإجراءات الفعالة» للسماح للعاملين في مجال المساعدات الإنسانية والصحفيين والمحققين بالوصول إلى غزة «دون عوائق». وأخيراً، تطلب بريتوريا من المحكمة ضمان تقديم إسرائيل تقارير عن الإجراءات التي تتخذها للالتزام بالأوامر.
من جهة أخرى، رفضت مصر مقترحاً إسرائيلياً بشأن الإدارة المشتركة لمعبر رفح، وفق ما قاله مسؤولان أمنيان مصريان لوكالة رويترز للأنباء أمس الخميس، وأضافا أن الاقتراح قدم لهما الأربعاء من قبل مسؤولي الشاباك الذين زاروا القاهرة. وبحسب التقرير، فإن «الاقتراح الإسرائيلي تضمن آلية لتشغيل المرحلة الانتقالية بعد الانسحاب الإسرائيلي من رفح». ومع ذلك، تصر مصر على أن المعبر يجب أن تتم إدارته من قبل السلطات الفلسطينية فقط»، وقال مسؤول إسرائيلي: إن الوفد وصل إلى مصر «بشكل أساسي لمناقشة الأمور المتعلقة برفح، في ضوء التطورات الأخيرة»، وكان المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية دافيد مينسر ذكر الأربعاء، أن مصر رفضت طلباً إسرائيلياً بفتح معبر رفح أمام المدنيين من سكان غزة الهاربين من جحيم الحرب في القطاع.
في غضون ذلك، قالت الولايات المتحدة أمس الخميس: إن الوضع الإنساني في قطاع غزة يواصل التدهور وحثت إسرائيل على بذل المزيد للسماح باستدامة دخول المساعدات الإنسانية إلى جنوب وشمال القطاع. وذكر فيدانت باتيل نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، أن واشنطن لا تزال قلقة إزاء «التوقف التام» لحركة السفر وتدفق الوقود من خلال معبر رفح إلى قطاع غزة.
من جهته، اعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أمس الخميس، أن العمليات العسكرية في رفح حاسمة في سياق الحرب على غزة، وقال نتنياهو أثناء حديثه مع جنود في منطقة رفح: إن «المعركة في رفح حاسمة… إنها معركة تقرر أشياء كثيرة في هذه الحملة». في حين قال ميكي زوهار وزير الثقافة الإسرائيلي: إن إسرائيل ستدير قطاع غزة في «اليوم التالي» للحرب عسكرياً لا مدنياً، وفق ما نقلت عنه إذاعة الجيش الإسرائيلي. وأضاف، أن حكم غزة العسكري سيخلق مشكلة لأنه من الصعب إيجاد شخص يديرها مدنياً تحت حكمنا العسكري.
إلى ذلك، دعت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، أمس الخميس، إلى توفير حماية أكبر للمدنيين في رفح. وقالت بيربوك في بيان: إنها «تشعر بقلق عميق حيال التحركات الحالية للجيش الإسرائيلي في رفح»، مشيرة إلى، أن مئات آلاف اللاجئين في المدينة «لم يعد لديهم أي أماكن آمنة يفرّون إليها». وأضافت، «يجب أن تكون لحماية السكان المدنيين الأولوية القصوى، وهو ما لا نراه الوقت الحالي».(وكالات)